بعد
عام من انقلاب الحوثي.. مستقبل اليمن بين الحسم العسكري والحل السياسي
سهيل نيوز - شؤون
خليجية :
في
ذكرى مرور عام على انقلاب جماعة الحوثي "الشيعة المسلحة" أحد الأذرع الإيرانية
العسكرية بالمنطقة، على الشرعية واحتلالها العاصمة صنعاء، يمر اليمن بمفترق طرق دون
حسم سياسي أو عسكري، ورغم أنه نجح في تحقيق خطوات للأمام ومكتسبات نوعية وإستراتيجية
إلا أنه يمر بمرحلة حرجة وعصيبة وبخاصة مع انسداد أفق الحل السياسي، بما يرجح ضرورة
الاستمرار في التقدم بالخيار العسكري، وسط مخاوف من إجهاض المنجزات العسكرية أو عرقلتها
أو عدم ترجمتها على طاولة المفاوضات القادمة بسبب هيمنة الإمارات وحلفائها على عصب
العملية السياسية والعسكرية في آن واحد، أما المقاومة وقيادات الإصلاح جزء منها تتقدم
عسكريا بدون تمثيل واضح لقياداتها أثناء التفاوض.
وتتصاعد
المخاوف أيضا من مراوغة المتمردين الحوثيين وحليفهم المخلوع صالح عسكريا وسياسيا، في
ظل علاقتهم القديمة مع الإمارات المهيمنة على الوضع الآن، فرغم إعلان تحرير عدن في
منتصف يوليو الماضي لا زالت تسير وتيرة العمليات العسكرية بمعدلات أقل من المرجو، كذلك
استطاعت جماعة الحوثي توجيه ضربة موجعة بموقع صافر بمأرب، وكشفت خللا وخيانة عسكرية
في الأماكن المحررة في شبوة، بحسب مراقبين.
ويعد التمهيد لمعركة تحرير صنعاء، العملية الأهم
في ذكرى انقلاب الحوثي حيث تقترب قوات التحالف من معركة تبدو وشيكة، وبخاصة مع أنباء
قدوم هادي لعدن خلال أيام أو ساعات بعد استقرار حكومة خالد بحاح فيها رسميا وبدء ممارسة
مهامها، ومع إعلان عدن عاصمة مؤقتة وتوافد أهم مسؤولين بالدولة عليها، تتجدد المخاوف
من سيناريو تقسيم اليمن ليظل الهاجس الأكبر، ولكنه لن يأتي بهزيمة عسكرية بقدر ما قد
يحدث بخيانات ميدانية وتنازلات سياسية أو بشق صف جبهة المقاومة أو بتعزيز النعرات الطائفية
والجهوية والمناطقية – وفق ما يرى المراقبون.
وتختلف الآراء إزاء مستقبل اليمن، فالبعض يرى أنه
على مشارف تحرير صنعاء، وأن التجهيزات العسكرية جاهزة، فيما يرى آخرون تلكؤ أو تأخر
في تحرير مأرب والجوف، وسط مخاوف من تنازلات قد يقدمها خالد بحاح بسبب ما تردد سابقا
من تفاهمه مع الإمارات على تعطيل التقدم نحو صنعاء وتقسيم اليمن، حيث أكد مصدر يمني
في وقت سابق "وجود تفاهمات عقدها بحاح مع مسؤولين إماراتيين لتقسيم الجنوب وتسوية
تكفل مخرجا لصالح والحوثيين بإشراف أمريكي".
ما
يجعل وجود واستمرار خالد بحاح على رأس الحكومة أمرا مثيرا للقلق خاصة وأنه جاء لعدن
مع قرار الإطاحة بالإصلاحي نايف البكري محافظ عدن، كقرار مبكر لتهميش دور قيادات المقاومة
الشعبية ما سيؤثر بالطبع على تسويات الحل النهائي وتشكيل الحكومة وتقاسم السلطة.
هل
تقترب معركة تحرير العاصمة؟
تشير
آخر التطورات الميدانية على استمرار التحالف والمقاومة الشعبية في الحشد العسكري لتحرير
صنعاء وقبلها تحرير المناطق المؤدية إليها في تعز ومأرب والجوف، بالتزامن مع إحراز
نصر سياسي بتمكين حكومة بحاح من العمل في عدن وقرب قدوم الرئيس هادي خلال ساعات.
وتشير
استعدادات التحالف إلى أن ساعة الصفر لإطلاق عملية تحرير العاصمة لم تعد بعيدة، فقد
بدأت قوات التحالف العربي والشرعية و"المقاومة" بالتمركز والانتشار في مناطق
عدة، سواء داخل مأرب أو في محافظة الجوف، وسط استمرار وصول التعزيزات من قوات التحالف
العربي والشرعية إلى مأرب.
كما
نجحت قوات التحالف والشرعية حتى الآن بفرض حصار على المليشيات من كل الجهات، وأغلقت
المنافذ الجوية والبحرية والبرية على المليشيات في الشمال، وتم قطع الوقود عنها، فيما
توقفت الحركة الاقتصادية في صنعاء، فيما يرى الكثير من المراقبين أن دخول هذه المعركة
سيكون صعباً ومعقداً، وكلفتها ستكون كبيرة، وليس كتلك التي حصلت في الجنوب.
ولذلك
تتدفق التعزيزات العسكرية الكبيرة للتحالف من خلال الدفع بقوات عسكرية كبيرة تضم عشرات
الآلاف من قوات الشرعية وتجهيز آلاف المسلحين من "المقاومة" والقبائل، فضلاً
عن أكثر من عشرة آلاف من قوات التحالف، إضافة إلى الآليات العسكرية المتطورة وأسراب
من الطائرات بما فيها "الأباتشي".
ويرى
المراقبون أن عملية تحرير صنعاء تواجه تحديات أهمها أن صنعاء تحتضن كثافة سكانية كبيرة،
وتحوي العاصمة أيضاً ومحيطها مخازن هائلة من الأسلحة، من مختلف الأنواع، بما فيها الصواريخ
الباليستية، وخصوصاً في الجبال المحيطة بالعاصمة، والتي توجد في داخلها أيضاً عشرات
الألوية والمعسكرات.
أيضا
تعد التضاريس الجبلية في صنعاء ومحيطها وفي صعدة وعمران وحجة والمحويت، من أكثر العوامل
التي تصعّب مهمة التحالف، لأن المليشيات تجيد حرب العصابات في ظل التضاريس الوعرة.
تشير
مصادر عسكرية في تصريحات صحفية اليوم الاثنين إلى إن "هذه المعسكرات والألوية
تضم قوات النخبة من كل التشكيلات العسكرية والأمنية، التي كان يحتفظ بها صالح في صنعاء
لحماية حكمه، وهي قوات خاصة درّبتها الولايات المتحدة ودول أخرى لمكافحة الإرهاب، فضلاً
عن قوات الحرس الجمهوري (النخبة)، إضافة إلى قوات الأمن المركزي، وهي قوات تعد مدربة
بشكل جيد وتستخدم الأسلحة الحديثة"، وقد يتجه الحوثي لحرب الشوارع كخيار استراتيجي
أساسي في هذه الحرب.
في
المقابل يرى مراقبون أن أغلب هذه المعسكرات والألوية في صنعاء باتت شبه فارغة، وقد
دُمرت أغلب الأسلحة التي بداخلها، كما قُتل الكثير من عناصرها من خلال إرسالها إلى
مختلف الجبهات في بداية الحرب.
فرص
الحل السياسي
ورغم
بدء استعدادات تحرير العاصمة وسط أجواء سياسية محتقنة ومنغلقة إلا أن صعوبة تحريرها
وارتفاع كلفته يجعل خيار الحل السياسي قائما من أجل تقليل كلفة المعركة خاصة البشرية
لدى قوات التحالف، وبخاصة مع توقع ارتكاب الحوثي جرائم داخل الحدود الجنوبية السعودية،
ولذا فإن انصياع الحوثيين للقرار الأممي 2216 وانسحابهم بصفقة سياسية من صنعاء لا يزال
خيارا مطروحا لكنه يحمل مخاطر الاتجاه للتقسيم بمنح الحوثيين صلاحيات واسعة في الشمال،
أو تهدد بمطالب مماثلة للحراك الجنوبي، مع طرح ملف الخروج الآمن مقابل تسليم صنعاء
لبعض قيادات الحوثي وصالح الأمر الذي ترفضه المقاومة الشعبية وحزب الإصلاح.
ويرى
مراقبون أن الحل السياسي للأزمة اليمنية، من أصعب الخيارات، بعد انسحاب حكومة الرئيس
عبد ربه منصور هادي، قبل أيام، من المفاوضات التي تجري برعاية أممية في مسقط، مع ممثلين
من حركة (الحوثي)، وحليفهم علي عبدالله صالح، بالوقت نفسه تسعى السعودية إلى تحقيق
أكبر قدر ممكن من الانتصارات الميدانية بما يؤدي إلى رفع سقفها قبل أي مفاوضات، أو
إجبار الحوثيين على الاستسلام.
ومع
اشتداد حصار الحوثيين، فمن المتوقع تصعيدهم لعمليات الاعتقالات والاختطافات بحق مواطنين
وناشطين وصحفيين وسياسيين وشخصيات وقيادات سياسية، ووضعهم دروعاً بشرية لمعسكراتهم
ومخازن أسلحتهم وربما التفاوض عليهم سياسيا، مع ممارسة سياسة الأرض المحروقة بتدمير
البنية التحتية ومنابع النفط، وتأزيم الوضع الإنساني لإجبار التحالف على تقديم تنازلات
سياسية أو توفير الخروج الآمن.